أزواج على ذمة عشـماوي| بعد ثلاث سنوات.. الإعدام لقاتل زوجته في عيد الحب

أزواج على ذمة عشـماوي
أزواج على ذمة عشـماوي

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة في النهاية؛ وهي القتل، سؤال دائمًا يفرض نفسه بعد كل جريمة قتل زوج لزوجته- هي بالتأكيد ليست ظاهرة وأنها لا تزال في حيز الجرائم الفردية- ولكن رغم فرديتها هي تزعج المجتمع، مرة أخرى السؤال الذي نود أن نطرحه هنا؛ ألم يكن الحل الأسهل هنا هو الطلاق بدلًا من القتل؟، أي خلافات هذه ممكن أن تحول بعض الأزواج إلى قتلة في المستقبل؛ فالزواج هو مودة ورحمة لا تعذيب وذبح، وإذا كان الانفصال هو الحل الوحيد بعدما تستحيل العشرة بين أي زوجين فلتكن هذه هي النهاية؛ وليس في هاتين الحالتين اللتين نحن بصددها.


في عيد الحب بدلًا من أن يقدم الزوج وردة أو كلمة عرفان؛ استل سكينًا وطعنها بها 72 طعنة لا لشئ سوى لأنها أقامت ضده دعوى خلع بعدما استحالت العشرة بينهما، الجريمة الثانية كان جزاء الزوجة المسكينة بعدما باعت الدنيا كلها وخاصمت أسرتها كي تتزوج ممن أحبه قلبها؛ فإذا بها تجد نفسها أمام رجل سئ السلوك قتلها ولم يتركها تذهب لحال سبيلها، وإلى التفاصيل التي حملت نهايات دامية.   

 

الصمت يعم أرجاء قاعة محكمة جنايات أسيوط، حيث ينتظر الجميع دخول القاضي ليصدر حكمه الفاصل في قضية القتل التي جاءت جلساتها لتعيد الآهات والذكريات الأليمة؛ المتهم محمد يقف في قفص الاتهام، أهل الضحية رشا يجلسون ويحتضنون صورة العروسة الشابة التي قتلها الزوج بدم بارد، الكل ينتظر الحكم بفارغ الصبر، فجأة يدخل القاضي، يقف الجميع احترامًا لرمز العدالة، يتابع الأخ الأكبر للمجني عليها القاضي فهو يعلم علم اليقين أنها جلسة النطق بالحكم، فجأة يقطع القاضي الصمت الذي ساد القاعة، ليتلو الحكم: «حكمت المحكمة حضوريًا بإحالة المتهم محمد الى فضيلة المفتى لإبداء الراى الشرعى فى إعدامه لاتهامه بقتل زوجته رشا»، ليتنهد الأخ تنهيدة كلها ارتياح، بالتأكيد هي فرحة الإعدام، لكنها فرحة ممزوجة بالألم والحزن على شقيقتهم التي ماتت غدرًا دون أي ذنب عاد.. تفاصيل أكثر عن تلك القصة التي تحمل بين سطورها مأساة نسردها لكم في السطور التالية.


البداية واجبة هنا، أشرقت شمس يوم جديد، بدأت تنشر ضوءها واخترقت أشعتها شباك حجرة رشا، تلك الفتاة الجميلة، مداعبة خدها، لتوقظها من النوم وبداخلها العزم لبداية يوم جديد، خرجت من بيتها متجهة لعملها، في الوقت الذي قرر العشاق فيه شراء هدايا تعبر عن مشاعرهم وحبهم في عيد الحب، لم تكن رشا تنتظر أن يهديها زوجها هدية في هذا العيد، فهو تركها في بيت أسرتها لمدة عام دون أن يطلقها أو حتى يردها إليه، لكن الزوج يجهز هديته منذ أيام وليال، احتفل بطريقته الخاصة بإراقة دماء تلك الفتاة التي أحبته وهامت في حبه عشقًا، بطعنها٧٢ طعنة في جسدها، والسبب لأنها رفعت عليه قضية خلع، فأين الحب الذي بدأ بينهما منذ عشر سنوات.

 

في إحدى قرى مركز ديروط بمحافظة أسيوط، عندما شاهد محمد، الشاب الثلاثيني، موظف في إحدى الشركات، رشا حسين، تلك الفتاة الجميلة، ذات الملامح الجذابة، منذ الوهلة الأولى تملكته مشاعر الحب، فقرر أن يتقدم للزواج منها، ظل يحلم باليوم الذي سيجمعهما فيه بيت واحد، لكن سرعان ما يرتسم القلق على ملامح وجهه خوفًا من أن لا توافق عليه، لكنها منحته الأمل حين وافقت عليه؛ تمت خطبتهما ومن ثم زفافهما وسط حفل كبير حضره الأهل والأصدقاء، أحبها كثيرا لكن الغيرة تملكته لأبعد درجة، يخشى أن تخرج لوحدها، يخشى من أن تتحدث مع أحد، كان هناك وسواس قهري بأنها من الممكن أن تتركه في أي لحظة، فقرر أن ينتقل للعيش في القاهرة بعيدا عن أهالي قريته، حتى تتجنب الحديث مع الناس، وعندما أتت رشا للقاهرة، وجدت نفسها محبوسة بين أربعة جدران، يتركها لوحدها طوال الوقت، ويغلق عليها باب الشقة، لا تعرف أحدا ولا تتحدث مع أحد حتى أهِلها منعها من التواصل معهم، مع هذا تحملت على أمل أن يصلح من حاله، لكن الطبع دائما يغلب التطبع.


الزوج عنده مشاكل

إلى أن جاءت الطامة الكبرى التي جعلت حياتها جحيمًا، عندما توجه الاثنان لطبيب النساء، لمعرفة سبب تأخر الإنجاب، ليخبرهما الطبيب بأن الزوج يعاني من مشاكل في الإنجاب، لم يتفوه محمد بكلمة واحدة حتى وصل للبيت، لم يقتنع بأن العيب فيه، انقلبت حياته رأسًا على عقب، وأصبح يتعدى بالضرب المبرح على زوجته دون أي ذنب على طريقة «خدوهم بالصوت»!

 

اقترحت رشا أن تلجأ إلى إجراء عملية حقن مجهري، لتنجب وتدخل الفرحة في قلب زوجها، لكن العملية فشلت، سيطر الحزن عليها، وقفت في شرفتها، تنظر إلى السماء في حزن، وكأنها تعاتب نفسها على شيء ليس لها دخل فيه، أرادت العودة إلى بلدتها بأسيوط، طلبت من جارتها أن تتصل بشقيقتها المتزوجة بعد أن اعطتها رقمها، وحضرت شقيقة رشا وتمكنت من اصطحابها إلى بيت الأسرة، حاول الأب المسكين أن ينقذ ابنته من الجحيم الذي عاشت فيه، لكن محمد رفض أن يطلقها، ظلت رشا ما يقرب من عام في بيت والدها، دون أن يسأل عنها، تركها وهي معلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة، إلى أن قررت أن ترفع عليه قضية خلع، لتتخلص من تلك الحياة الزوجية البائسة، لم تكن تلك المسكينة تدري أن قضية الخلع ستجعلها تفقد حياتها، وستكتب لها السطور الأخيرة في تلك الدنيا. 


جلس محمد في غرفته، بعدما علم بأن رشا رفعت عليه قضية خلع، يفكر في الحال الذي وصل له، بدأت وساوس الشيطان تتقاذفه وتلعب برأسه، كيف لزوجة أن ترفع على زوجها قضية خلع؟!، كيف سيرفع رأسه أمام الناس؟!،فجأة انتفض من فوق مقعده، وذهب لعملها وتعدى عليها بالضرب وهددها بالقتل وأنه لن يتركها تذهب لغيره، وتم عمل محضر ضده وإقرار بعدم التعرض لها، سيطر الانتقام عليه أكثر وأعمى قلبه وعقله، أعد لخطته وجهز نفسه للانتقام، وانتظر حتى تأتي الفرصة المناسبة للتنفيذ. 


يوم الجريمة

يوم عيد الحب، استيقظت رشا مبكرا، استعدت للذهاب لعملها في إحدى الجمعيات الأهلية، هي عاقدة العزم على رفع قضية الخلع، فأكرم لها أن تخلع او كما رأت أن تفتدي نفسها في مقابل التنازل عن كل حقوقها المادية، عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحا، منذ أن وصلت رشا لجهة عملها، وبمجرد صعودها أول درجات السلم، وجدت من يجري خلفها ويطعنها بالسكين دون أدنى شفقة أو رحمة، وسط صراخ وعويل من صديقتها، لم تمنعه تلك التوسلات والصرخات ظل يطعنها حتى تركها وسط بركة من الدماء وفر هاربا.


اتصلت الأم المسكينة لتطمئن على ابنتها، لترد صديقتها: «الحقوا محمد ضربها بالسكينة»، وقعت هذه الكلمات كالصاعقة على الأم، خرجت هائمة على وجهها، لم تتخيل أنه قتلها، كانت تعتقد أنه تعدى عليها بالضرب مثلما كان يفعل، لكن كانت الصاعقة والصدمة التي أفقدتها النطق عندما وجدت ابنتها غارقة في بركة من الدماء، ماتت رشا مقتولة وصعدت روحها للسماء، بأبشع طريقة دون ذنب اقترفته لتستحق هذه النهاية. 


القصاص العادل
أبلغ الأهالي الشرطة، وتم القبض على الزوج، واعترف بجريمته، وتحولت القضية لمحكمة الجنايات، وظلت القضية متداولة داخل ساحات المحكمة لثلاث سنوات، حتى أصدرت محكمة جنايات أسيوط الستار عليها بالحكم بالإعدام على الزوج القاتل، ذلك  الحكم الذي أثلج قلوب أسرتها، وعمت الفرحة أركان بيتهم، ولكنها فرحة ممزوجة بالدموع لأن ابنتهم التي فقدت حياتها في ريعان شبابها لن تكون معهم ولكن حقها عاد. 

اقرأ ايضا | ظاهرة وأنها لا تزال في حيز الجرائم الفردية